ثورة الناصر بن شهرة
المولد والنشأة :
ينتمي ابن ناصر بن شهرة بن فرحات إلى قبيلة المعا مرة والحجاج الذين ينتمون بدورهم إلى الأرباع . ولد عام 1804 .
جهاده :
استهل جهاده منذ عام 1851، فاعتقل بمعسكر قرب " بوغار " غادرها متخفيا في 05 سبتمبر 1851، التحق بالشريف محمد بن عبد الله بالرويسات) ورقلة ) وقام بالتنسيق معه .استمات في الدفاع عن مدينة الأغواط وقصورها وكذا وورقلة. لجأ إلى " نقطة " وتوزر بالجريد التونسي و في تونس ربط علاقات عديدة باللاجئين الجزائريين وأخذ من هناك يشن الغارات على الأعوان الفرنسيين. وعندما اندلعت مقاومة أولاد سيدي الشيخ عام 1864 عاد ابن ناصر بن شهرة إلى الجزائر متخفيا ودخل إلى ورقلة واتصل بسي الأعلى يوم 6 أوت في طاقين واشترك معه في عدة معارك . رجع إلى ورقلة بصحبة سي الأعلىعام 1865 وبعدها إلى المنيعة وعين صالح لتجنيد الناس وامتدت حركته إلى عين ماضي .وخلال كفاحه بالجزائر لم يقطع صلاته بتونس حيث كان يتردد عليها لجمع الأنصار وتدبير الخطط وتوفير الذخائر والمؤن .كان من المشاركين في مقاومة المقراني والحداد عام 1871 و كانت جبهة عمله الصحراء الشرقية ، وبعد إلقاء القبض على بومزراق زعيم المقرانيين يوم 20 جانفي 1872 قرب الرويسات أخذ ابن شهرة يواصل نشاطه من الجريد ونفزاوة إلى أن أرغمه باي تونس على الرحيل، فتوجه إلى بيروت إلى أن توفي عام 1884
ثورة الشيخ الحدادهو محمد أمزيان بن علي الحداد انتقلت أسرته من بني منصور و استقرت في ايغيل إيمولة بالضفة الغربية لوادى الصومام و منها إلى بلدة صدوق.و فيها امتهن جده حرفة الحدادة لذلك أطلقت على الأسرة تسمية الحداد.تعلم الشيخ محمد أمزيان في الزاوية التي أسسها والده علي الحداد في صدوق فحفظ القرآن و تعلم قواعد اللغة العربية و منها انتقل إلى زاوية الشيخ أعراب في جبال جرجرة التي قضى فيها وقتا طويلا أضاف إلى معارفه العلمية علوما إسلامية أخرى ، و في نهاية المطاف أخذ الميثاق على خليفة السيد محمد بن عبد الرحمن في زاوية سيدي علي بن عيسى بجرجرة ، و عند عودته إلى أهله تولى تسيير زاوية أبيه, و قد اختاره أهله أن يكون إماما على قرية صدوق و معلما للاطفال في جامع المدينة و أصبح بعد ذلك خليفة لطريقة محمد بن عبد الرحمن. وقد ساهم الشيخ الحداد ومن خلاله الطريقة الرحمانية مساهمة كبيرة وفعالة في دعم مقاومة الشيخ المقراني وذلك بإكسابها تأييدا شعبيا واسعا ، مكنها من الصمود أمام الجيوش الفرنسية . بعد سلسلة من المعارك ، استسلم لقوات الجنرال لالمان في 24 جوان 1871 بعد مقاومة قوية ضد العدو الفرنسي و قد سجن في قلعة بارال في بجاية، حيث وافته المنية آخر شهر أفريل 1873 مقاومة المقراني1871 1- مقدمة :شهدت الجزائر على عهد الحاج الباشاغا محمد المقراني انعكاسات خطيرة بانهيار الحكم العسكري عام 1870 الذي اعتمد إلى حد كبير على المكاتب العربية التي حاولت تقريب قضايا الأهالي المسلمين إلى الإدارة الإستعمارية في نوع من التحدي للكولون المعمرين الذين سخطوا على هذه السياسية لأنها لا تخدم مصالحهم كاملة بل تحافظ على مصالح الأهالي ولو في جزء يسيرمنها.وعلى هذا الأساس جاءت الإدارة المدنية ,التي أوكل لها المستوطنون مهمة تحويل الجزائر إلى وطن للمعمرين الإستيلاء على أملاكهم و طردهم إلى مناطق لا تصلح إلا للإقامة هذا إلى جانب الأوضاع المعيشية المزرية التي كان يعاني منهاالجزائريون, إلى جانب سلب الأراضي فإن المجاعات و الأوبئة والقحط أتت على ما تبقى من الشعب الجزائري الذي أنهكته الظروف السياسيةالمطبقة من طرف الإدارة الإستعمارية و الموجهة من طرف المستوطنين .2- أسباب مقاومة المقراني : كان لإنقلاب النظام الحاكم في فرنسا بعد سقوط الإمبراطورية وظهور الجمهورية و بعد انهزام نابليون الثالث أمام بسمارك ، أثره المباشر على الأوضاع داخل الجزائر و المتمثل في بروز قوة المستوطنين في التأ ثير على حكومة باريس و استئثارهم بالسلطة في الجزائر ,و هذا ما لم يرض به حاكم مجانةالباشاغامحمد المقراني.كما أن محمد المقراني تلقى من جهة أخرى توبيخا عام 1864 من الجنرال ديفو بسبب تقديمه مساعدة لأحد أصدقاء أبيه و هو الشيخ بوعكاز بن عاشور ، و قد اعتبرها المقراني إهانة له و لعائلته و لسكان منطقته.ومن الأسباب كذلك عدم ارتياح السلطات الإستعمارية لشخص المقراني حيث قامت بإنشاء بلدية مختلطة في برج بوعريج عينت على رأسها الضابط أوليفي و قد رأى الشيخ المقراني في هذا الإجراء تقليصا لنفوذه السياسي على المنطقة ، و بذلك أصبح في المجلس البلدي لمدينة برج بوعريرج عبارة عن عضو بسيط فقط لا رأي له و لاوزن لكلامه مع قوة المستوطنين في التمثيل النيابي.و عمدت سلطات الإحتلال على تحطيم كبرياء الحاج محمد المقراني كزعيم سياسي لذلك بادر بتقديم إستقالته من منصبه كباشاغا لكنها رفضت في 09 مارس 1871 على أساس أنها غير مرفقة بتعهد منه يجعله مسؤولا عن كل الأحداث التي ستقع بعد ذلك في المناطق الواقعة تحت نفوذه ,و كانت هذه السياسة سببا آخر لاندلاع الثورة لأنها مساس بكرامته.كذلك المجاعة الكبيرة التي تعرضت لها المنطقة و التي وقعت ما بين 1867 و 1868 وراح ضحيتها ألاف الجزائريين الذين حصدهم الموت أمام مرأى و مسمع من الإدارة الإستعمارية التي لم تسارع إلى نجدة الأهالي و هذا ما أكد للمقراني مرة أخرى أن هذه الإدارة لا يهمها في الجزائر إلا مصالحها.ومن الأسباب الموضوعية كذلك السبب الديني حيث استغلت الكنيسة الأوضاع الإجتماعية المزرية و راحت تحمل الإنجيل في يد والمساعدات في اليد الأخرى مما اضطر الأهالي إلى ترك أبنائهم في يد الأباء البيض للتنصير خوفا عليهم من الموت.كذلك من الأسباب السياسية الآنفة الذكر النظام المدني الذي خلف النظام العسكري و قد رأى فيه البشاغا المقراني تكريسا لهيمنة المعمرين الأوروبيين على الجزائريين و إذلالهم ، و هذا ما نص عليه مرسوم 24 أكتوبر 1870 الذي زاد من تأكد المقراني أنه سيزيد من معاناة الشعب الجزائري تحت ظل المستوطنين و اليهود المتجنسين بموجب قانون التجنيس الذي أصدره كريميو اليهودي ، و عليه قال قائد ثورة 1871 الشيخ محمد المقراني قولته الشهيرة التي جاء فيها ما يلي : " أريد أن أكون تحت السيف ليقطع رأسي ، و لا تحت رحمة يهودي أبدا " إثرها قرر أن يحتكم إلى السيف, مع هذه الإدارة المدنية الجديدة, يضاف إلى كل ذلك قضية اقتراض المقراني للديون من بنك الجزائر و من اليهودي مسرين بسبب المجاعة التي أهلكت سكان المنطقة و بالتالي كان القرض لمساعدة المحتاجين و المتضررين جراء هذه ا لمجاعة, غير أن ذهاب الحاكم العام العسكري ماك ماهون و استلام النظام المدني حكم الجزائر الذي رفضت إدارته الوفاء بتعهد المقراني مما أوقعه في أزمة مالية خانقة ، فاضطر من أجل سكان منطقته رهن أملاكه ليكون ضحية ابتزاز المستوطنين و اليهود.وما عجل بإندلاع الثورة كذلك سياسة العنصرية التي طبقتها الإدارة الجديدة مع الجزائريين العاملين في مد الطرق بين الجزائر و قسنطينة حيث كانت تفرق بينهم و بين بعض العمال الأوربيين الذين كانت أجورهم عالية و لايقومون بالأعمال المتعبة في حين كانت أجور الجزائريين منخفضة جدا و هم الذين ينجزون الأعمال الشاقة علما أن هؤلاء العمال أوصلوا معاناتهم إلى الباشاغا المقراني لكونهم من مدينة البرج حتى يدفع عنهم المعاناة فقام بدفع نصيب من ماله الخاص للتخفيف من معاناتهم .3- مراحل مقاومة المقراني ودور الشيخ الحداد1- مرحلة الإنطلاق :بعد قيام سكان أولاد عيدون في الميلية بمحاصرة القوات الفرنسية في برج المدينة خلال شهر فيفري 1871، و كذلك الثورة التي اندلعت في سوق أهراس بزعامة محمد الكبلوتي و الصبايحية وأيضا مقاومة بن ناصر بن شهرة بالأغواط و الشريف بوشوشة كلها أحداث بارزة مهدت لبداية المرحلة الأولى لثورة المقراني في 16 مارس 1871 بعد أن كان قد قدم استقالته من منصبه كباشاغا للمرة الثانية في 27 فبراير 1871 , و ما ميز مرحلة الإنطلاقة الفعلية هو إعادته شارة الباشاغوية آنذاك إلى وزارة الحربية و المتمثلة في البرنوس الخاص بها ، و بداية عقد إجتماعاته مع رجالاته و كبار قادته و كان آخرها الإجتماع ذو الطابع الحربي الموسع المنعقد في 14 مارس 1871 , و في 16مارس بدأ زحفه على مدينة برج بوعريج على رأس قوة قدرت بسبعة ألاف فارس قصد محاصرتها و الضغط على الإدارة الإستعمارية الجديدة.مرحلة شمولية الثورة و بروز الشيخ الحداد و الإخوان الرحمانيينبعد محاصرة مدينة البرج انتشرت الثورة عبر العديد من مناطق الشرق الجزائري, حيث وصلت إلى مليانة و شرشال ,و إلى جيجل و القل, و كذلك الحضنة و المسيلة و بوسعادة, يضاف إليها كل من توقرت و بسكرة و باتنة و عين صالح.وفي هذه الظروف برزت بعض الخلافات بين زوايا منطقة القبائل ,منها زاوية الرحمانيين بصدوق و زاويتي شلاطة وإيلولة كما انتقلت هذه الخلافات كذلك حتى داخل أسرة المقراني التي كانت مقسمة إلى فرعين وهما فرع الباشاغا محمدالمقراني و مقرها مجانة و هو حليف لباشاغا شلاطة ابن علي الشريف ، و فرع الباشاغا محمدبن عبد السلام المقراني قائد عين تاغزوت شرق برج بوعريرج وهو صديق الشيخ عزيز قائد عموشة و عائلة الشيخ الحداد ، و أمام هذا الوضع الذي لا يخدم معركة المقراني التي أعلنها ضد الإدارة الإستعمارية عمد إلى استمالة الشيخ الحداد والإخوان الرحمانيين, وبواسطته بدأت تعبئة السكان للجهاد و قد لعب ابن الشيخ محمد امزيان بن علي الحداد دورا بارزا إلى جانب المقراني, و استطاع إقناع والده بإعلان الجهاد في 08 أفريل 1871 وهو ما سمح لبعض الأتباع من الإخوان الرحمانيين بالإنضمام إلى صفوف الثورة و أصبحوا قوتها الضاربة حيث خاضوا مع الباشاغا محمد المقراني عدة معارك انتصروا فيها على جيوش العدو الفرنسي ، وتعتبر معارك المقراني ، و أخوه بومرزاق و الشيخ عزيز بالإضافة إلى الإخوان الرحمانيين من المعارك التي أثبتت لقادة الإستعمار توسع رقعة هذه الثورة التي لم تكن محصورة في مجانة أو البرج بل وصلت إلى دلس وتيزي وزو و صور الغزلان و ذراع الميزان و البويرة و وصلت إلى مشارف العاصمة .كان للإخوان الرحمانيين من أتباع الشيخ الحداد دور بارز في انتصارات ثورة المقراني خاصة بعد إعلان الشيخ الحداد الجهاد في 08 أفريل 1871 بزاوية صدوق و بإلحاح من إبنه عزيز مما أعطى للثورة شموليتها من خلال زيادة انضمام أعداد كبيرة من المجاهدين و انتشار الثورة غربا و شمالا و شرقا حيث حوصرت العديد من مراكز الجيش الإستعماري، في مناطق عدة و قد وصل عدد المجاهدين من أتباع الشيخ الحداد و الإخوان الرحمانين أكثر من مائة و عشرين ألف مجاهد ينتمون إلى مائتان و خمسون قبيلة ,في حين استطاع الباشاغا محمد المقراني تجنيد 25 ألف فارس من قبائل برج بوعريج و بوسعادة و صور الغزلان و بهذه القوة التي يعود الفضل فيها إلى الزاوية الرحمانية و أتباع الشيخ الحداد و ابنه عزيز ، حققت هذه الثورة انتصارات كبيرة أخافت الإدارة الإستعمارية وأصبحت تشكل خطرا على مصالحها و مستوطنيها في المنطقة.مرحلة التراجع:رغم قوة الشيخ الحداد وابنه عزيز في التعبئة العامة للجهاد و دور أتباعهم من الرحمانيين إلى جانب دور كل من الباشاغا محمد المقراني وأخيه بومرزاق إلا أن الخلافات عادت لتطفو على السطح وقد غذتها الإدارة الإستعمارية بطرقها الخاصة بعد استشهاد بطل المقاومة الباشاغا في محمد المقراني معركة وادي سوفلات قرب عين بسامفي 05 ماي 1871 على يد أحد الخونة التابعين للإدارة الفرنسية.انحصرت هذه الخلافات بالدرجة الأولى على شخصيتين لهما وزنهما في هذه الثورة و هما عزيز ابن الشيخ الحداد و بومرزاق المقراني أخو محمد المقراني زعيم المقاومة الذي تسلم راية الجهاد بعداستشهاد أخيه, لكن الشيخ عزيز لم يرض بهذا الوضع الجديد فكان يبحث عن زعامة المقاومة خاصة و أنه من أبرز الشخصيات التي إلتف حولها الرحمانيون, لكن سيطرة بومرزاق على الأوضاع جعلت الشيخ عزيز يسارع إلى طلب الإستسلام ، ومن أسباب ضعف المقاومة و تراجعها,كذلك الخلاف الذي كان قائما بين الزوايا الرحمانية نفسها منها الخلاف بين زاوية صدوق بزعامة عزيز و زاوية الشريف بن الموهوب و زاوية شلاطة اللتين تعرضتا لهجومه ما بين 15 أفريل و 24 ماي ، مما أثر سلبا على مسار الثورة ,حيث بقى بومرزاق يواصل المقاومة من خلال معارك أنهكت قوته و لم يستطع مجاراة الحرب ضد جيوش العدو خاصة بعد استسلام الحداد الذي أثر على معنويات بومرزاق المقراني ، رغم محاولته رص الصفوف بين قادة الزاوية الرحمانية لكنه فشل في مسعاه ، وبعد انهزامه في معركة بالقرب من قلعة بني حماد في 08 أكتوبر 1871 اتجه إلى الصحراء لكن الفرنسيين اكتشفوا أمره في 20 جانفي 1872 بالقرب من الرويسات بورقلة وألقوا عليه القبض ، حيث نقل إلى معسكرالجنرال دولاكروا و منه أرسل إلى سجن كاليدونيا الجديدة . 4- نتائج مقاومة المقراني بعد أن ساعدت الظروف الداخلية الجيش الفرنسي في إخماد ثورة المقراني انعكس ذلك سلبا على كل سكان المناطق التي ساعدت الثورة و ساندتها, حيث تم فرض الضرائب على القبائل المشاركة في الثورة وكانت على ثلاثة أنواع طبقا لدرجة مساهمتها ضد القوات الفرنسية.- 70 فرنك تدفع من طرف الأشخاص الذين يلفتون انتباه المسؤولين في الإدارة الفرنسية.- 140 فرنك ضريبة على كل من تجند و قدم المساعدات للثورة.- 210 فرنك ضريبة على كل من شارك في الحرب و أظهر عدائه العلني لفرنسا, كما تم تحديد المبالغ المالية التي تدفعها كل عائلة, و في حال رفض الدفع يتم الإستيلاء على الأملاك ، هذا إلى جانب إجراءات الحجز و التحفظ على النساء و الأطفال.أما ما دفعه مختلف المناطق بسبب الثورة كان كما يلي : - منطقة دلس 1444100 فرنك .- الإقليم المدني 254450 فرنك .- منطقة تيزي وزو 3070630 فرنك .- منطقة ذراع الميزان 1325200فرنك .- ناحية الجزائر 1260000 فرنك .- الإقليم المدني 210000 فرنك .و بالنسبة لفرع صور الغزلان 668292 فرنك .و ناحية بني منصور 561330 فرنك .أما عن مجموع القبائل التي حملت لواءالثورة فقد كلفت بدفع مساهمتها فيها بصورة كاملة و قد بلغت قيمة الدفع 26844220 فرنك بالإضافة إلى تجريد القبائل من أسلحتها منها 6365 بندقية و1239 مسدس و 1826 سيف و ثلاثة مدافع.ومن نتائج ذلك أيضا :- إحالة الموقوفين من قادة الثورة الرئيسيين على المحاكم المدنية والعسكرية وقهرهم وإذلالهم.- استمرار تغريم السكان حيث قدر المبلغ ب 36 مليون و نصف فرنك خص للإستيطان خاصة ما بين 1871 و 188 وقد استفاد منه بالتحديد المستوطنون القادمون من الألزاس واللورين والقادمين من جنوب فرنسا.- مصادرة أراضي القبائل و حجز أملاك أفرادها ، و توزيعها على المستوطنين الجدد.- حبس المشاركين في الثورة دون محاكمة و منهم زوجة الباشاغا محمد المقراني و ابنته و ابنة شقيقه بومرزاق.- تطبيق سياسة الإبعاد القسري و النفي إلى كاليدونيا الجديدة ومن الذين طبقت في حقهم هذه السياسة بومزراق المقراني وابني الشيخ الحداد عزيز ومحمد.- إصدار أحكام الإعدام ، مثلما حدث لبومزراق المقراني الذي حكمت عليه محكمة قسنطينة للجنايات في 07 جانفي 1872 بالإعدام ، لكن عوض بالنفي مع الأشغال الشاقة إلى مدينة نوميا بكاليدونيا الجديدة.-صدر في حق الشيخ الحداد حكما بالسجن الإنفرادي لمدة خمس سنوات في 19 أفريل 1873 لكنه لم يتحمل السجن لكبر سنه فمات بعد 10 أيام فقط من حبسه.-و نتيجة لهذه الثورة صدر قانون تحديد الأراضي المشاعة في 26 جويلية 1873 والذي بموجبه تم توزيع 200 هكتار للفرد الواحد من المعمرين.-وفي عام 1872 تحولت 33 قبيلة من مالكة للأراضي إلى أجيرة بعد مصادرة أراضيها, و قد بلغ مجموع الأراضي التي تم مصادرتها 611130 هكتار بما في ذلك كل أملاك عائلة المقراني و الشيخ الحداد منقولا و عقارا.مرسوم 24 أكتوبر 1870:لقد نص هذا المرسوم الذي كان وراءه المستوطنون على مايلي :1- إلغاء النظام العسكري و تعويضه بالنظام المدني.2- إلغاء المكاتب العربية التي كان يرأسها الضباط الفرنسيون.3- منح الجنسية الفرنسية ليهود الجزائر بصورة جماعية ( قانون كريميو)
لقد ظهر سيدي بوعمامة منذ سنة 1888م في منطقة جنوب الصحراء رجلا صالحا، مستقطبا ولاء أغلب القبائل الصحراوية بلا منازع، فضلا عن تقدير أشراف تافيلالت له بجنوب المغرب الأقصى، ولم يستطع أحد أن ينازعه هذا النفوذ، بل امتد نفوذه إلى قبائل الطوارق الذين عبَّروا له عن استعدادهم للالتحاق به في الوقت المناسب، وذلك من خلال مراسلتهم له أواخر سنة 1888م.وهكذا ما إن حلت سنة 1892م حتى أدركه كل من القصر العلوي بالمغرب والمفوضية الفرنسية بطانجة، ما أصبح عليه سيدي بوعمامة من نفوذ روحي، وتأييد قبلي، وقوة حربية بالمناطق الصحراوية ومحيطها، وبذلك سعى الطرفان إلى اكتسابه، في حين تبدو رغبة الشيخ بوعمامة في الحفاظ على حريته واستقلاله واضحة من خلال معاملاته ومراسلاته السياسية مع الحكام العسكريين المباشرين، ولا شك أن له يداً في الوقائع التي دارت بين الفرنسيين والبرابر في نخيلة في 05 جويلية 1903م، وفي الهجوم الواسع على مركز تاغيت بجبل بشار، وتنظيم حملات الساهلة والمطارفة، وأوجروت وشروين وتيميمون إلى آخر المعارك التي خاضها وحرض عليها.وقد امتد الشيخ بوعمامة في ثورته من الواحات الجنوبية عبر وادي الزوزفانة ووادي الناموس، وعندما وصل إلى الناحية الشمالية فيغيغ أسس زاوية بواحة المغرار التحتاني، كما حاول إقامة حلف من قبائل لعمور وبني كيل وغيرهما من قبائل الحدود إلى ناحية تلمسان نفسها: والهجوم على الفرنسيين الذين أرغموا على استرجاع عدد من فيالق جيوشهم؛ حيث استعدوا من جديد بعدما تكبدوا خسائر فادحة للهجوم بأسلحتهم المتفوقة والضغط على الشيخ بوعمامة نحو الجنوب، حيث رجع سنة 1882 إلى دلدول وهي واحة في جورارة وسط توات، حيث أسس زاوية هناك يدرس فيها القرآن الكريم والعلوم الشرعية، فاكتسب بها مزيدا من الأنصار والأتباع.وظل الشيخ بوعمامة ثائرا إلى سنة 1908م حيث استقر بأنكاد أماسي حمزة وسي قدور بن حمزة وغيرهما من زعماء أولاد سيدي الشيخ الشرقية.ولقد أخذت وضعية توات تنقلب، فقد بدأت فرنسا تؤسس لنفسها نفوذا سياسيا بين بعض القبائل التي أصابها الخوف نتيجة تزايد الضغط العسكري الفرنسي ضد واحات توات.وهكذا استطاع الفرنسيون أن يعقدوا اتفاقيات مع عدد من الفصائل التي تسكن بواحة جورارة، وكذلك مع بعض فصائل ذوي منيع، وبعض الطوائف من سكان عين صالح.وفي الوقت الذي أعطى فيه مؤتمر برلين 1885م حرية التوسع الأمبريالي في أفريقيا بالنسبة للدول الأوروبية التي حضرت هذا المؤتمر، بادرت فرنسا إلى تهيئة الشروط الضرورية لاكتساح توات، وفعلا شيدت في السنة التالية للمؤتمر 1886م حصنا في المنيعة، ووضعت فيه حامية عسكرية تتركب من 156 جنديا بصفة دائمة، وهي الحامية التي سيقرر البرلمان الفرنسي في بداية العقد الأخير من القرن 19م رفع عددها إلى 600 جندي، وقد كائن حامية فرنسا قد حاولت الاستقرار بها منذ 1873م، ولكنها انسحبت منا لأسباب أمنية.وفي التاريخ نفسه 1886م قامت بعثة دراسية فرنسية تحت إشراف الضابط (بالا) الذي تجول عبر توات كلها بمساعدة شخصين مسلمين من كبار قصور حاسي الشيخ بالحدود الوسطى، وقد خرج (بالا) من قصور الأبيض سيدي الشيخ، ونزل عبر حوض وادي كير، ثم وصل إلى واحات الخنافسة، ثم تجول في قصور جورارة، وزار مؤسسة الشيخ بوعمامة في دلدول، ومكث هناك في ضيافة بعض الأهالي مدة ثمانية أيام، ثم توجه إلى عين صالح مروراً بتادمايت؛ حيث اغتيل هناك في شهر فبراير 1886م هو ومرافقاه الجزائريان، وقد كان اغتياله على يد أصحاب الشيخ عبد القادر بن باجودة الذي كان من أكبر زعماء عين صالح، الذي سبق له أن نصب كمينا للبعثة العسكرية الفرنسية سنة 1881م. ثورةالشيخ بوعمامةالشيخ بوعمامة –رحمة الله عليه- هو أحد أحفاد الولي الصالح السيخ عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ.وهو من بني عمومة سي سليمان بن حمزة زعيم الانتفاضة المسماة في التاريخ ثورة أولاد سدي الشيخ.دخل بوعمامة التاريخ من بابه الواسع، واشتهر حتى بلغت شهرته الأصقاع والآفاق، مشرقا ومغربا؛ لأنه أشرف على انتفاضة كادت أن تعم الغرب الجزائري بأكمله، بل لأنه أدرك بالبديهة الصائبة والرأي الراجح الدور الذي يجب أن تلعبه الزوايا الروحية.لشيخ بوعمامة هو محمد بن العربي بن الحرمة بن إبراهيم بن التاج بن عبد القادر بن محمد سيد الشيخ بن سليمان بن سعيد بن أبي ليلة بن عيسى بن أبي يحي بن معمر الملقب أبو العالية بن سليمان بن سعيد بن عقيل بن حفص الملقب حرمة الله بن عساكر بن زيد بن حميد بن عيسى بن التادلي بن محمد الملقب السلي بن عيسى بن زيد بن الطفيل المدعو الزغاوي بن صفوان بن محمد بن عبد الرحمان بن سيدنا أبي بكر الصديق - رضي الله عنه-.فهو من مواليد امغرار سنة 1845م، حيث نشأ وترعرع في هذه المنطقة التي عرفت بالتوتر والغليان في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وانعدام مايسمى بالدولة إضافة إلى طغيان قطاع الطرق، خاصة وأن المنطقة حدودية، وهناك ما يسمى مخزن السلطان لا يتساهلون مع هذه القبائل، فهم يمارسون معها سياسة العصا الغليظة، وهي تشكل خطرا جاثما يهدد الأمن ويجعل المنطقة كلها على فوهة بركان سرعان ما يندلع في أي مكان وفي أي اتجاه.وكان احتراف الوعي لا محيد عنه للشباب، قبل أن يشتد عودهم، فيمتهنون التجارة، وعن طريق القوافل يكونون همزة وصل بين الصحراء والتل الوهراني، إلا أن والده السي العربي بن الحرمة قرر أن يجعل ابنه ملازما للشيخ محمد بن عبد الرحمان أحد مقدمي الطريقة الشيخية، الذي تعلم على يديه بعض القرآن الكريم والحديث الشريف، وبعد ذلك بالنسبة لأهل لطريقة الأوراد، والأذكار ثم المبادئ العامة للتصوف والزهد في الحياة.وتعلم ما يؤهله لأن يكون شيخا مقدما، ومن هنا بات واضحا أن زاوية امغرار قد حُسم الأمر في شيخها ومقدمها من البداية لما عرف عن هذا الشاب من ورع وحكمة وسداد رأي ونفاذ بصيرة، وحسن تدبير تألقاً بجديه الرجلين الصالحين سيدي الشيخ وسيدي سليمان بن أبي سماحة.فها هو يكرس جانباً مهماً من حياته في طلب العلم والبحث في الأمور الفقهية المختلفة، إلا أن العصر بأكمله لم يكن ليزخر بحواضر متميزة للعلم والعلماء في هذه المنطقة من الجزائر بالضبط، فهي بؤرة توترات وحروب سواء تعلق الأمر بالغزو الفرنسي أم مخزون السلطان المغربي، المهم أن الشاب يكون قد ارتحل إلى المغرب ليتابع حلقات درس القرويين.ويمكن أن نؤكد أن الرجل عصامي، نهل من المصادر المهمة التي وقعت بين يديه، فأخذ ما كان يجب أن يأخذ، فتثقف وتفقه واطلع على كثير من المعارف التي كان يرغب في الاطلاع عليها ككتب الدين - على سبيل المثال.ولقد ارتبط الشيخ بوعمامة بالسيدة ربيعة ابنة عمه، والتي أنجبت له نجله السي الطيب في عام 1870م، الذي أصبح رفيق حياته ومعاركه كلها.لم تكن سلطات الاحتلال الفرنسي على جهل تام بما يحضره الشيخ بوعمامة، الذي وصفته التقارير المختلفة بأنه مجرد رجل مهوس، بينما ذكرته تقارير أخرى بأنه رجل دين، صاحب طريق مرابط، يجمع أموال الزكاة لينفقها على أصحابه المجاذيب.وواصل الشيخ بوعمامة تحضيراته المادية والبشرية في سرية تامة، فاجتمع إليه شيوخ القبائل المجاورة للمنطقة، وشرع في مراسلة العديد من الذين اعتقد فيهم المؤازرة والمساندة، وقد أعطت قبيلة الشعانبة خير مثال على ذلك، كما أنه بعث وفوداً إلى أولاد سيد الشيخ الغرابة، ثم أولاد سيد الشيخ الشراقة الذين كانوا أكبر سند له رغم الخسائر البشرية الكبيرة التي أصابتهم أثناء ثورة أولاد سيدي الشيخ (خسائر الجبهة الفرنسية كانت أضعاف خسائر أولاد سيدي الشيخ ).وهذه أسماء بعض الرسل:-مرزوق السروري: إلى قبائل الطرافي.-الطيب بن الجرماني: إلى قبائل الأحرار الشراقة.-بلقاسم ولد لزفران: إلى قبائل أولاد ازياد.-العربي ولد الطيب أحمد: إلى قبائل الرزاينة.لقد بعث الشيخ بوعمامة عدة رسائل إلى أعيان القبائل وتلا عليهم رسالة الجهاد مع توضيح الأسباب، وهذه الرسالة التي تلاها عليهم:الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله: جماعتنا المحروسة بعين الرضا قبيلة بعد قبيلة من غير تخصيص، نعلمكم أعلمكم الله خيرا على أمر الجهاد في سبيل الله بعدما فرق الكفار الفرانساويون بين الأخوة، وفسقوا في أرضنا، واستحلوا حرماتنا، أرادكم الله وأعانكم، وللخير والجهاد وفقكم.والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.فتوكل الشيخ على المولى عز وجل، وخاض المعارك الطاحنة رفقة أتباعه ومريديه، والسبب المباشر في إعلان الجهاد من طرفه هو هذا الوازع العقائدي، بل أن الجحافل المنضوية تحت راية جهاده والتي تعد بالآلاف ماكان لها أن تكون لولا شدة اقتناعها بأنها تحارب قوات الكفر، وتحمل شعار الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الحق، وعلى وجه أخص أن الجميع متأكد بأن الزعيم الروحي ليس له من هدف يصيبه إلا الإيمان الراسخ، ثم أنه أثبت للملأ أنه لا يسعى إلى تكوين زعامة سياسية، وإنما كان تركيزه على أن يفهمه الجميع بأنه قائد روحي ثائر على الظلم والاضطهاد على شاكلة سليمان بن حمزة وبقية أبناء عمومته، يتزعم مجاهدين أوفياء كما كان يصفهم، يدافعون عن شرفهم ولا يسكتون أمام جبروت الظالم المستبد.إنه بذلك هو رفاقه يعلنون كلمة الحق تمازجها لحظات النصر ، وفي الوقت ذاته يقيمون حلقات الذكر لقراءة القرءان الكريم حيثما حل بهم الظلام، وفي زاويتهم المتنقلة يستعيدون أورادهم وأدعيتهم الصوفية العميقة، مهللين ومكبرين ومسبحين على طريقتهم الإيمانية.فعلى الرغم من عدم تمكنه من الثقافة العميقة إلا أنه استطاع مجاراة أحداث زمانه نتيجة دهائه السياسي وخبرته بالمنطقة ومجالسته لكبار العارفين من هذه القبائل المختلفة التي جمعته بها كلمة الجهاد، ثم إنه متمكن من الثقافة الشفوية التي عرف بها كبار القادة وعظماء الرجال .راسل شيوخ القبائل وقادة الاحتلال الفرنسي برسائل تاريخية وعرض المشورة على ثلة من المقربين منه استقبل مبعوثي القادة العسكريين وأجابهم مشافهة وتارة عبر رسائل، وفي كل الحالات كان يلح على ترديد كلمته التاريخية الشهيرة: (يجب أن تخرجوا من أرضنا) رافضا الصلح بكل صوره، وكان يراه خيانة .ومرت زاويته بعدة مراحل في حياته، ولكنها بدت إلى التطور شيئا فشيئا، فبعد أن أسسها في أمغرار وجدد الحصون حولها وبني جوانبها، خاض عدة معارك أهمها معركة تازينا 19-05-1881م والتي انتصر فيها المجاهدون انتصارا عظيما، وفتحت الطريق أمام الشيخ بوعمامة لينشر ثورته في مناطق عين الصفراء البيض، أفلو، فرندة، تيارت، سعيدة، بشار، وبعد هده الثورات اضطرت السلطات الفرنسية أن تجعل باستعادة جزء من قواتها العسكرية التي اشتركت في احتلال تونس.وإرسال العقيد القائد (نقريي) من البيض إلى الأبيض سيدي الشيخ، الذي فكر في أن القضاء على ثورة أولاد سيدي الشيخ يستلزم تحطيم ضريح سيدي الشيخ، والزاوية بالأبيض سيدي الشيخ .وانتقلت الزاوية والطريقة الإيمانية إلى الخيم حيث الشيخ بوعمامة متنقل عبر التلال والفيافي، ثم أعاد بناءها في دلدول قرب تيميمون بأقصى الجنوب وتجمعت حوله القبائل وأعيان القصور والواحات.لقد قام الشيخ بوعمامة بعدة معارك في ناحية جرارة وأماكنها معلومة إلى يومنا هذا، ومنها:معركة حاسي الشيخ: يقع بين المنيعة ولحمر.معركة حاسي علي : هناك مقبرة الشهداء بزاوية الدباغ إلى حد الآن .ومن دلدول حيث فقد ابنه: المسمى السهلي بوعمامة انتقل إلى العرق، وأقام زاويته في مكان يسمى: اعريس سيدي بوعمامة.ومن العرق انتقل إلى بني ونيف، حيث بني قبة جده الشيخ سيدي سليمان بن أبي سماحة البكري الصديقي وبني المسجد ومرافق الزاوية سنة 1891م الموافق لـ 1311هـ، ولما أنجز البناء أقام صدقة عظيمة ودعى إليها أهل بني ونيف والقصور القريبة منها، وفي ذلك يقول الأستاذ طواهرية عبد الله:بن ضريحه المجاهد العتيدأبو عمامة لجده السعيدمشيدا ضريحه والمسجداحتى بدا في حلة مجددافي ألف هجرة ثلاثمائةوواحد ملازم لعشرةومن بني ونيف ذهب الشيخ رحمه الله إلى واد قير.وفي سنة 1886م قدم الشيخ بوعمامة ورقة طلب الأمان من فرنسا حينما أشتد عليه الخناق من مختلف الجبهات، إلا أن الفرنسيين رفضوا طلبه،ولم تبرر التقارير العسكرية سبب الرفض ، والذي يكون مرده إلى عملية استدراج استراتيجي عسكري كانت تخفيه لتستعمله محالة قصف المواقع التي يستعملها الشيخ ، ولذلك بدأت تموه في اعتقادنا، وهو الأمر الذي تفطن إليه الشيخ بوعمامة بدليل أنه بعث رسالة ثانية يطلب فيها الأمان وجاءه الرد بتاريخ 08 ديسمر 1899م في رسالة تقول فيها السلطات العسكرية للعين الصفراء بأننا نقبل طلبك الأمان.إلا أن الشيخ بوعمامة استغل هده الموافقة المبدئية سياسيا وكأنه يقول لهم : ها أنتم تعترفون بالانتفاضة المباركة التي أنهكتكم ودوختكم، وهنا يمكن نجاح الشيخ سياسي .إن الانتصارات العديدة التي أحرزها على العدو خلال سنوات الجهاد صنعت منه رمزا بطوليا جعل السلطات توافق مكرهة على طلبه، إلا أن الشيخ رفض قبولهم لطلبه الأمان ورمى به جانبا وتوغل في أعماق الصحراء وبالضبط إلى دلدول، وكان يشرف على عمليات سريعة تداهم العدو في حصونه من حين إلى أخر . - نتائج مقاومة الشيخ بوعمامة:تمثلت هذه النتائج فيما يلي:1- كانت ثورة الشيخ بوعمامة تحديا كبيرا لسياسة الجمهورية الثالثة ,والتي كانت ترمي إلى إتمام عمليات الاحتلال الشامل للجزائر ,واستطاعت أن تعطل وتعرقل المشاريع الفرنسية في الجنوب الغربي.2- تمثل ثورة الشيخ بوعمامة المرحلة النهائية من استراتيجية الزعامات الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي عن طريق المقاومات الشعبية التي تعتمد أساسا على العامل الديني في تعبئة الجزائريين لمقاومة الاحتلال.3- تعتبر ثورة الشيخ بوعمامة من أعنف المقاومات الشعبية خلال الى جانب مقاومة الأمير عبد القادر و ثورة أولاد سيدي الشيخ.4-كشفت ثورة بوعمامة ضعف الفرنسيين في مواجهة المقاومة مما جعلها تبحث عن الحلول السياسية لإخماد نار الثورة خصوصا مع المرحلة الثانية 1883 -1892 حين ظهرت قضية الأمان الذي كانت تبحث عنه السلطات الفرنسية من بوعمامة الذي رفضه من خلال المراسلات و المفاوضات التي كانت تسعى إليها فرنسا.5- الخسائر البشرية والمادية هي الأخرى كانت من أبرز النتائج التي تمخضت عن الثورة 6- عجلت الثورة بإتمام مشاريع السكك الحديدية في المنطقة وربط الشمال بالجنوب. 7- إن مقاومة الشيخ بوعمامة حتى وإن لم تحقق أهدافها في طرد الاستعمار من المنطقة بسبب العقبات التي اعترضتها منها على وجه التحديد عدم التمكن من توحيد فرعي أولاد سيدي الشيخ وكذلك ضغوط السلطان المغربي عبد العزيز على الثورة وحصرها في الحدود ,إلا أنها أثبتت قدرتها على المقاومة وطول النفس وعرقلة التوسع في المنطقة .حــوصلـة :قاد الشيخ بوعمامة انتفاضة لم تتوقف إلا بوفاته في يوم 08 أكتوبر 1908م عمل كل ما في وسعة لتوحيد القبائل، جعل من أولاد سيدي الشيخ والمجادبة، وحميان، والعمور، والشعانبة، قوة عظيمة يحسب لها ألف حساب بعد أن كانوا في غالبيتهم متطاحنين على أماكن كلأ والآبار ، بل أنه أدخلهم التاريخ من باب الواسع، قال عنه أحد القادة الفرنسيين (( إن انتفاضة بوعمامة هي قضية شعب بأكمله)).وقال عن نفسه: (( بأنني خلقت من أجل رفاهية أبناء هدا البلد الأوفياء لأوامر القرآن)) .وكان يقول : (( إن جيشي الحقيقي هو الإيمان )).وكان يرى في قبول الاستسلام مع فرنسا بأنها: (( قبول السيادة الفرنسية معناه خيانة الله)). كذا قام في تسيير مراحل انتفاضته والتي عمت أرجاء الغرب الجزائري، وشملت التل والصحراء على السواء، لقد ملأ الدنيا وشغل الناس، وفتق عقولا أخمدتها جلابيب تحجر الدروشة العميقة، وجعل الزاوية متفتحة على فهم ما حولها بل انتقل بها إلى مرحلة العطاء والتضحية .إن الشيخ بوعمامة جعل العدو بقواته الرهيبة يجعل ألف حساب للمقاومات ،مهما كان شكلها ومهما كانت قوات نفدها وأنصارها .إن انتفاضة الشيخ بوعمامة انطلقت ثائرة على الأوضاع المزرية التي كان يعيشها المواطن الجزائري متفهمة لحقائق العصر ونابضة بدفق هواجس المستقبل، وبذلك تكون مكملة للحلقة التي فتحها الأمير عبد القادر، وعمقها أولاد سيد الشيخ والثوار التواتيين في انغر والدغامشة، ومنطقة جرارة لتجدها أجيال أول نوفمبر 1954م مرتكزا تستند عليه لمواصلة المسيرة.قصيدة في رثاء الشيخ بوعمامة:عزوني ياناس في شيخ العـربان **************************عزي وعنايتي ومفاتح أوراديتبكي عيني لبوعمامة طول الزمان*************************تبكي عيني على مدى نكس ميعاديتبكـي عيني عليه ماطـال الزمان *************************طول الحياة والدموع على خديتبكـي عيني عليه مفتاح البيان ****************************ركن الرحمة الله عليه الخير يهدي

تعليقات